17/07/2020
رصد علماء الفيزياء الفلكية أغرب إشارةٍ لموجةٍ ثقاليةٍ حتى الآن، قد تجبر عملية الرصد هذه العلماء على إعادة صياغة ما يعرفونه عن الكون
تتشكل الأمواج الثقالية عندما تقوم الأجسام الضخمة بتشويه الزمكان المحيط بها، وترسل أمواجًا عبر الكون. رصد العلماء هذه الأمواج للمرة الأولى على الإطلاق في عام 2015، وكانت قد تشكلت من خلال تصادم ثقبَين أسودَين
منذ ذلك الحين، أصبحت عملية اكتشاف الأمواج الثقالية أكثر غرابةً، ما أثار حماس العلماء. أعلنت مجموعةٌ من الباحثين عن أول رصدٍ لإشارة موجةٍ ثقاليةٍ ناتجةٍ عن تصادمٍ يتضمن جسمًا أكبر من أكبر نجمٍ نيوترونيٍّ معروفٍ وأصغر من أصغر ثقبٍ أسودَ معروف. على الرغم من أن عملية الرصد معقدة للغاية بحيث لا يأمل العلماء أبدًا معرفة تفاصيل ما حدث، لكنّ الإشارة تبشر بحدوث المزيد من عمليات الرصد الغريبة؛ يمكن لعملية الرصد هذه أن تزودنا بفهم جديد لكيفية حدوث الانفجارات النجمية الضخمة التي تعرف باسم المُسْتَعِر الأعظم.
قال كريستوفر بيري، عالم الأمواج الثقالية في جامعة نورث وسترن وجامعة غلاسكو والمؤلف المشارك في البحث الجديد، لموقع: “إنه حدثٌ رائعٌ، سيغيّر فهمنا لكيفية تشكل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، سيبقى لغزًا حتى نتمكّن من الحصول على مزيد من الملاحظات، ولكن هذا لا يعني أن ما حصلنا عليه ليس مفيدًا”
صورة توضيحية للتصادم غير المتناظر الذي رُصِد من خلال الأمواج الثقالية
: N. Fischer, S. Ossokine, H. Pfeiffer, A. Buonanno (Max Planck Institute for Gravitational Physics), Simulating eXtreme Spacetimes (SXS) Collaboration)
يقول بيري: “نحن واثقون جدًا من النتائج، هذه إشارةٌ جميلةٌ حقًا. إذا نظرتَ إلى البيانات، سترى أنه تغريدٌ رائعٌ ونظيفٌ؛ لم أستطع تصديق ذلك في المرة الأولى التي رأيته فيها، إنه مذهلٌ”
رصد العلماء الموجة الثقالية، أو “التغريد” في 14 آب/أغسطس عام 2019، وقد دُهِشوا بشكلٍ أكبر عندما أشار التحليل الأولي إلى أنه كان من الممكن للاصطدام أن يدمج ثقبًا أسودَ ونجمًا نيوترونيًّا. إن اصطدام هذين الجرمين هو حدثٌ للأمواج الثقالية ينتظره العلماء بشغفٍ، حيث أنهم لم يروا حتى الآن سوى اندماجات أزواج متطابقة
لكن مع إجراء علماء الفيزياء الفلكية المزيد من التحليلات على البيانات، أدركوا أنهم ينظرون إلى شيءٍ أكثر غرابة، فوفقًا لتحليل العلماء لحدث الاندماج، كانت كتلة أحد الجسمَين المتصادمَين نحو 23 مرة ضعف كتلة شمسنا (كان هذا ثقبًا أسودَ)، والآخر نحو 2.6 ضعف كتلتها.
لغز فجوة الكتلة
رسم بياني يوضح نطاق أحداث التصادم التي لوحظت من خلال الأمواج الثقالية. يعرض الجزء السفلي من الصورة أجرامًا بحجم نجمٍ نيوترونيٍّ، ويعرض القسم العلوي أجرامًا بحجم الثقب الأسود. تضمّن الرصد الجديد، والذي سُلّط الضوء عليه أعلاه، ثقبًا أسودَ وجرمًا آخرًا قد يكون إمّا نجمًا نيوترونيًّا كبيرًا جدًا أو ثقبًا أسودَ صغيرًا جدًا
LIGO-Virgo/ Frank Elavsky & Aaron Geller (Northwestern)
يقع هذا الحجم في نطاق ما يسميه العلماء فجوة الكتلة: جرم أصغر بكثير من أيّ ثقبٍ أسود دُرِس حتى الآن (نحو 5 أضعاف كتلة الشمس)، ولكنه قد يكون أكبر من أيّ نجمٍ نيوترونيٍّ معروفٍ (نحو 2.5 مرة ضعف كتلة الشمس)
قالت المؤلفة المشاركة فيكي كالوجيرا، وهي عالمة فيزياء فلكية في جامعة نورث وسترن، في بيان: “تم التنبؤ بعمليات الاندماج ذات الطبيعة المختلطة -الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية- منذ عقودٍ، لكن هذا الجرم المتراصّ الموجود في فجوة الكتلة يمثّل مفاجأةً كبيرةً. على الرغم من أننا لا نستطيع تصنيف الجرم باقتناع، إلا أننا قد رأينا إما أثقل نجمٍ نيوترونيٍّ معروفٍ أو أخفّ ثقبٍ أسودَ معروف. في كلتا الحالتين سيحطم الأرقام القياسية”
في ظل ظروفٍ أخرى، قد يكون العلماء قادرين على تحديد ماهية الجرم قبل حدوث الاصطدام الذي خلق التغريد القابل للرصد. لكن الحظ لم يكن إلى جانبهم، لم يرصد العلماء أيّ إشارةٍ ضوئيةٍ يمكن أن تنتج من نجمٍ نيوترونيٍّ، ولكن هذا لا يستبعد أنه قد يكون نجمًا نيوترونيًّا
خلافًا للتصادمات المتطابقة التي درسها العلماء بشكلٍ جيّدٍ حتى الآن، فإن هذا الثنائي غير متساوٍ بشكلٍ كبيرٍ، حيث أن كتلة الجرم الأكبر تعادل نحو تسعة أضعاف كتلة الجسم الأصغر، ما يزيد من صعوبة رؤية تفاصيل الحدث في تغريد الموجة الثقالية. قالت كالوجيرا في البيان: “أفكر في باك مان يأكل نقطة صغيرة. عندما تكون الكتل غير متناظرةٍ بشكلٍ كبيرٍ، يمكن للثقب الأسود أن يأكل الجسم المتراص الأصغر في قضمةٍ واحدةٍ”
كان من الصعب دراسة الحدث لأنه كان بعيدًا جدًا. يبدو أن التصادم قد حدث على بعد نحو 800 مليون سنةٍ ضوئيةٍ من الأرض. للتوضيح، فإن هذا أبعد بنحو ست مرات من حدث اندماج نظامٍ ثنائيٍّ من النجوم النيوترونية، والذي اكتُشِف في آب/أغسطس عام 2017 من خلال وميض الضوء المصاحب له
من أجل حل لغز فجوة الكتلة الكونية، سيحتاج العلماء إلى رصد المزيد من هذه الأجرام الغامضة أثناء حدوث التصادمات، ويفضل ألّا تكون هذه التصادمات معقدةً جدًا ليسهل تحليلها. يقول بيري: “سيكون من الرائع لو كان الثنائي ذا كتلةٍ أكثر تكافؤًا، ويفضل أن يكون أكثر قربًا منا”
رسم توضيحي لثقبين أسودَين، يعادل حجم أحدهما أكثر من تسعة أضعاف حجم الآخر، يلتفان على بعضها البعض ويتصادمان
N. Fischer, S. Ossokine, H. Pfeiffer, A. Buonanno (Max Planck Institute for Gravitational Physics), Simulating eXtreme Spacetimes (SXS) Collaboration)
إن فهم العالم الغامض بين النجوم النيوترونية والثقوب السوداء ليس مهمًا فقط لغرض توخي الدقة، إذ يقول بيري: “إنه سيغير فهمنا للكون من حولنا”
أولًا، سيخبر العلماء عن كيفية عمل النجوم النيوترونية، التي أطلق عليها بيري اسم “المصادمات العظمى للجسيمات”، ويقول: “من الصعب جدًا نمذجة مادة النجم النيوتروني. لا يمكننا محاكاته هنا على الأرض، فالظروف متطرفة للغاية”. لكن خصائص هذه المادة ستحدد الحجم الأقصى للنجم النيوتروني، النقطة التي يصبح فيها النجم النيوتروني الكبير أكبر مما ينبغي وينهار
يقول بيري أن فهم فجوة الكتلة (سواء كانت موجودة أم لا) سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ على الفيزياء الفلكية. منذ عقودٍ، افترضت نماذج الفيزياء الفلكية أن هناك بالفعل فجوةً بين أكبر النجوم النيوترونية وأصغر الثقوب السوداء، ولكن إذا تبين أن هذه الفجوة أصغر بكثيرٍ مما كان متوقعًا سابقًا، أو أنها غير موجودة، فسوف نحتاج إلى تعديل هذه النماذج. يفيد بيري بأن هذه النماذج المعدلة يمكن أن تغيّر فهمنا للكون على نطاقٍ أوسع من مفهوم فجوة الكتلة.
ويضيف بيري أنه كيفما انكشف سر فجوة الكتلة، ستشير هذه الإشارة الجديدة إلى مستقبلٍ غنيٍّ بعمليات رصدٍ للأمواج الثقالية
يضيف بيري: “هذا دليل على أننا قد بدأنا للتو باستكشاف الكون بالأمواج الثقالية. نحن لا نعرف ما الموجود هناك؛ لقد شاهدنا بعض المصادر الأكثر شيوعًا، نحن نعرف ما هو النوع النموذجي للأمواج الثقالية. ما زلنا نحاول معرفة ما يخبئُه لنا الفضاء من الغاز”
:المصدر
https://nasainarabic.net/main/articles/view/smallest-black-hole-biggest-neutron-stary-mystery-object
Related Articles
What are brown dwarfs?
The quality of mass is what separates planets from brown dwarfs from stars. Here’s a general comparison of the masses of each. Image via NASA/ Caltech/ R. Hurt (IPAC). A brown dwarf is more massive than a planet, but less massive than a star. Exactly how much more and...
NASA’s Europa Clipper will find out if Jupiter’s icy moon is habitable
NASA’s Europa Clipper mission will offer an unprecedented look at Jupiter’s fractured satellite. The probe’s long, looping orbit around the planet and moon will find out if the watery Europa is capable of hosting life. NASA/JPL-Caltech/Johns Hopkins University/APL...
What does Titan smell like?
Titan, Saturn’s largest moon, is a dynamic world with a dense atmosphere, hydrocarbon lakes, and lots of different smells.Ron Miller A bouquet of musky sweetness, bitter almonds, gasoline, and decomposing fish would likely fill the air on Saturn’s largest satellite....